لوجو مدونة عدنان معتوق

العلم كلمة إيمانية

المعرفة الموصولة

الجزء -١-

نحن نعلم أن القرآن يوجه “العقول والأنظار إلى النظر في الأنفس، وما فيها من عجائب وأسرار وغرائز واستعدادات … [ويحث على] النظر في الآفاق والآيات الكونية علويّها وسفليّها، ظاهرها وخفيها وعما تنطوي عليه من حكم، وما أودع الله فيها من خواص وسنن.[1]” ولكن يجب أيضاً أن نعلم أن القرآن يؤسس للإنسان منهجاً في تقصي الحقائق وطريقة التفكير وتقدير الأمور. القرآن يؤسس منهج للعقل في تقصي الحقائق والعمل بها ليصنع بها الإنسان حاضراً يعيش به. وصحيح أن القرآن ليس كتاباً علمياً ولا فلسفياً، ولكنه كتاب هداية، بل كتاب الهداية الأعظم. ومن الهدايات التي يعتني بها القرآن، هداية حركة الفكر والعقل في الحياة، فهو كتاب جاء ليهدي العقل العلمي في زمنٍ لا يرى فيه الإنسان قيمة إلا للعقلانية. ومن هنا تتجلى أمامنا عناية القرآن بهذه الهداية التي تؤسس للعقل العلمي منهجاً ينظم فيه البحث والدراسة والاستنتاخ والاستنباط والوصول إلى النتائج وتطبيق كل ذلك على أرض الواقع. ومن هنا نستطيع القول أن الهداية المنهجية واحدة من الهدايات التي يهدي إليها القرآن. والقرآن بهذه الطريقة المنهجية ينطلق من مسلمة يتأسس عليها هذا المنهج ألا وهي قانون التوحيد المعرفي: وحدة المعرفة، أي أن المعرفة تأتي من التوحيد. فالتوحيد بهذا المعنى هو الأصل المؤسس لجميع الحقائق وهو نسب جميع الأفكار التي تعود إليه. المبدأ التوحيدي أو قانون التوحيد المعرفي يُنتج ويُنظم كل المجالات والأنظمة المعرفية. ولذلك هذا المنهج يصف العلم بأنه العلم الموصول أو المعرفة الموصولة، أي أنها موصولة بكلمة الإيمان، وبشجرة التوحيد، تلك الشجرة التي من أهم صفاتها أنها ذات أصل ثابت، وأصل ذو قرار. الثبات هنا بمعنى الصِّلة، أي أنها متمكنة باتصالها بكلمة الإيمان وراسخة في تربته. ولذلك ليست من صفاتها الاجتثاث من جذورها، أي [القطع]، فهي ليست معرفة مقطوعة، وإنما ذلك صفة الباطل الذي لا قرار له. وبذلك، نقول، قانون التوحيد المعرفي يؤسس هذه المعرفة الموصولة بربها. ويصِلُ كل فكرة علمية بخالقها، فيظهر في قلوب أصحاب هذا العلم ثمرات هذه الصلة. والعكس من ذلك، العلم المقطوع أو المعرفة المقطوعة. وهي المعرفة التي تقطع كل حقيقة من حقائقها بصلتها بخالقها. وهي أنواع فمنها حقائق حائرة يمكن صلتها بربها فتدخل في كلمة الإيمان وبعضها حقائق [نطلق عليها حقائق لأن أهلها يسمونها هكذا] لا يمكن وصلها بكلمة الإيمان لأسباب كثيرة. والفرق المنهجي بين المعرفة الموصولة والمعرفة المقطوعة أن المنهج الأول: قانون التوحيد المعرفي، يصل ما أمر الله به أن يوصل في حين أن منهج المعرفة المقطوعة يقطع ما أمر الله به أن يوصل وينتج عن هذا الفساد في الأرض.

ملاحظة: سنتحدث لاحقاً بإذن الله عن قانون التوحيد المعرفي.

[1] مدخل إلى القرآن الكريم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

Patriarchy

موازنة بين فهم السلف وأثقال الخلف في قضايا المرأة

الشغف صورة.png

الشـــغـف

Screenshot 2025 04 25 At 10.34.40 pm

{وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ}

ابنته

العاطفة في القرآن